قصة الجمل الأعرج تبيّن واحدة من أهم صفاته

الجمل من أكثر الحيوانات العنيدة والمتمردة التي لا تنصاع سوى لما تريد فعله ولما تعودت عليه، وكذلك الجمل الأعرج تمرّد وتحدي ما فرض عليه ورغب في أن يثبت للجميع أنه يستطيع فعل ما يريد فهل تكلل تمرده بالنجاح، أم أن الفشل كان حليفه؟

قصة الجمل الأعرج في سباق الهجن

في إحدى سباقات الهجن التي تقام للجمال سنويًا، سمع جملًا أعرج عن سباق سوف يقام في مدينته وقرر أن يشارك في السباق على الرغم من وجود عرجة في رجله، وذهب إلى لجنة التحكيم وطلب تسجيل اسمه ضمن المشاركين في السباق، مما أثار دهشة اللجنة وجعل تساؤلاتهم تنضح على وجوههم.

لكن سارع الجمل الأعرج وبادرهم بالإجابة قبل أن يطرحوا أي سؤال حيث قال: أنا أتمتع ببنية قوية وسريع في العدو، كما أنني واثق من أنني سأفوز حتى إن لم أفز فإني سوف أحصل على نتيجة ترضيني.

على الرغم من الحماسة والثقة التي كان يتحدث بها الجمل الأعرج إلا أن لجنة التحكيم لم يزول الشك من داخلها في أمر إلحاقه في السباق، وبعد حديث طويل دار بينهم قررت لجنة التحكيم أن تضم الجمل الأعرج إلى السباق؛ بشرط أن يتحمل هو كامل المسؤولية لأي حدث سوف يلحق به أثناء السباق.

اقرأ أيضًا:  تعدد أسماء الإبل عند العرب.. تراث ملآن بأنواع كثيرة

إصرار الجمل على المشاركة

وافق الجمل وظل يستعد حتى اتى يوم السباق وتجمعت الجمال عند نقطة الجمال، ولما رأوا الجمل الأعرج قادم للانضمام إليهم سخروا منه وتنمروا على عرجة الجمل الأعرج.

لكن ابتسم الجمل الأعرج واثقًا وقال لهم بنبرة تمتلئ بالتحدي في نهاية السباق سوف نرى من فينا الأسرع والأقوى لا تتعجلوا في الحكم، أطلق الحكم صافرة البداية وانطلقت الجمال كلها مثل الشهب تتسابق وتتنافس من أجل أن تكون في مقدمة السباق.

تحديات السباق

لكن من بينهم كان الجمل الأعرج في المرتبة الأخيرة بين الجمال المتسابقين، لكنه صبر وتحمل عرجته ولم يفقد الألم، بل وتجاهل أيضًا الألم الذي شعر به أثناء الركض بسبب عرجته.

في منتصف السباق كان يوجد هناك جبلًا عاليًا يجب أن تجتازه الجمال، كما كان الجبل وعرًا ومحفوفًا بالمخاطر، ويتوجب على جميع المشاركين في السباق من الجمال أن يقوموا بالصعود والعودة مجددًا إلى نقطة البداية.

فالجمال القوية تستطيع أن تصعد الجبل بسرعة، حتى تتمكن من العودة إلى نقطة البداية أولًا، ولكن صعودها السريع استنزف طاقتها قبل الوصول إلى منتصف الجبل فسقطت في مكانها من التعب، كما قرر البعض منها النزول والعودة من منتصف الطريق أو الانسحاب.

اقرأ أيضًا:  لماذا الجمل حقود.. وهل الحقد أغرب صِفاته أم هناك ما هو أغرب؟!

هل النجاح حليف الجمل الأعرج؟

أما عن الجمل الأعرج فكان يحافظ على السير ببطء وقوة واتزان، وعلى الرغم من أن كثير من الجمال تراجعت عن الوصول إلى قمة الجبل إلا أنه بقي عددًا قليل من الجمال تمكنت من النجاح في الوصول إلى قمة الجبل ومن شدة تعب الجمال قررت الجلوس قليلًا حتى ترتاح وتستطيع مواصلة سير السباق.

ما عدا الجمل الأعرج الذي قرر أن يواصل السير بإصرار، حتى وصل للقمة ومر بالجمال المستريحة، ولم يكن يشعر بأي تعب هذا ما دفعه إلى تفضيل النزول من الجبل مسرعًا يركض بعرجته، ولم تلحظ الجمال الأخرى الجمل الأعرج سوى وهو في نهاية منحدر الجبل.

نهاية السباق

حاولت الجمال الأخرى اللحاق بالجمل الأعرج والنجاح في الوصول إلى نقطة النهاية قبله ولكنها لم تستطيع، حيث كان الجمل الأعرج هو أول من استطاع أن يخطو خط نهاية السباق وظفر بالفوز بكأس بطولة السباق.

فَخَرَ الجمل الأعرج بنفسه جدًا وبالعرجة والظروف التي تحداها ولم يجعلها عائق من أجل الانسحاب.

اقرأ أيضًا:  أين يعيش الجمل.. وما هي أماكن انتشاره حسب نوعه؟

الإصرار الصفة الأسمى في الجمال

على الرغم من كبر حجم الجمل مقارنة بحجم الإنسان إلا أنه ينصاع خلف ما يأمره به، ولكن ليس السبب في ذلك خوفه من الإنسان أو ما شابه، بل إن الجمل إن تم استخدام أسلوب الشدة والضرب معه لن يزيده هذا إلا حقدًا وغضبًا وتمردًا.

الجمل حيوان عنيد يحب أن يفعل ما يريحه؛ لذلك يجب أن يقوم صاحب الجمل بالتلطف إليه إطعامه وملاعبته والمشي معه والمسح على رأسه حتى يصبح صديقًا للجمل ويحبه ويمتثل كل ما يأمره به.

لكن في بعض الأحيان قد يفاجئ صاحب الجمل بصدور تصرفات غير معهودة من الجمل، والذي قد يراها تمردًا لكن الجمل يحب الإصرار خصوصًا إذا كان متأكد من قدراته تمامًا مثل قصة الجمل الأعرج.

قد يبدو عند تقييم تصرفه من النظرة السطحية والأولى أنه جنونًا وشيء غير منطقي لن يجني منه سوى الخسارة والسخرية، ولكن الجمل كان متأكدًا من قدراته وواثق من نفسه ومن مدى ما يستطيع تقديمه لذلك لم يتردد أبدًا من المشاركة في السباق.

بل وقام بتحمل مسؤولية أي شيء قد يحدث له خلال السباق ولم يتلفت إلى سخرية أقرانه بسبب عرجته، بات مُصرًا وعلى دراية أنه يستطيع أن يفعل كل ما قاله بشأن الفوز في السباق وتكلل إصراره بالنجاح، فإصرار الجمال على شيء غالبًا يكون نابع عن ثقة مطلقة في داخلهم.

كاتب قصة الجمل الأعرج في الحقيقة هو الدكتور طارق البكري ونشرها من خلال دار الرقي في عام 2018 وكان الهدف منها هو أن يغرس في نفوس الأطفال واحدة من أبرز صفات الجمل وهي الإصرار.